أمجد العضايلة؛ القريب من الإنسانية جمعاء

أمجد العضايلة؛ الإعلامي المخضرم الذي وضع بصمته في الإعلام الأردني.

كرسَ حياته المهنية ليكون فارساً من فرسان الوطن في الوقت الأصعب الذي مرّ بهِ العالم بأسره.

يستمد ويمد الإلهام عندما يشعر بالتغيير الإيجابي، ومن خبرته الطويلة في الميدان الإعلامي يجيب في هذا المقال على مجموعة من الأسئلة لنغطي مسيرته التي أثرت في أغلبية الشعب الأردني.

“أول إنجاز في حياتي كان اختيار تخصص الصحافة والإعلام”

العضايلة احسن اختيار تخصصه، منذ أن كان شاباً، فاتجه إلى تخصص الصحافة والإعلام في عام ١٩٨٠ ودرس في جامعة اليرموك حين كان التخصص جديداً والكليّة متواضعة الإمكانيات، وبدأ رحلته المهنية الإعلامية وهو على مقاعد الدراسة الجامعية؛ فكان يدرس ويتدرب في صحيفة (صحافة اليرموك) التابعة لجامعة اليرموك، إلى أن وصل إلى موقع سكرتير تحرير الصحيفة.

يعتبر العضايلة أن دراسته للإعلام كانت أول إنجازاً يتمّه في حياته: “أول إنجاز في حياتي كان إختيار تخصص الصحافة والإعلام”

بعدَ تخرجه من الجامعة، وكأي شاب أردني حينها ذهبَ إلى خدمة العلم لمدة عامين، وخَدَمَ في القضاء العسكري، إذ كان يكتب محاضر جلسات المحكمة، من حديث القاضي، والشهود والمتهمين.

في بداية طريقه الإعلامي، وبعدما انهى خدمة العلم، عَمَلَ في وزارة الإعلام؛ كباحث ومُقيّم للصحافة القادمة من الخارج، أي على المواد الإعلامية المكتوبة.

“١٩٩٢؛ العام الذي غير مجرى حياتي”

في عام ١٩٩٢، اختير العضايلة لكتابة تقارير إعلامية حول يومية  تضم صفحة أو صفحة ونصف على الأكثر لرئيس الوزراء حينها “مضر بدران”، ومحتواها عن الأحداث التي تجري في المنطقة.

بعدها، وفي العام ذاته؛ حَظيَ العضايلة بفرصة للعمل في الديوان الملكي الهاشمي، حين تابع المسؤولون التقارير التي كان يكتبها لرئاسة الوزراء، مطالبين بنفس هذه التقارير للديوان الملكي الهاشمي، فبدأ بكتابة التقارير لمدة ستة أشهر، بجانب عمله في وزارة الإعلام.

بعدها؛ تم انتدابه للعمل في الديوان الملكي الهاشمي لمدة العام، إلى أن انتقل للعمل هناك.

في بداية عمله؛ بدأ بالعمل مع جلالة الملك المرحوم الحسين بن طلال -طيب الله ثراه- حيث الى جانب كتابة التقارير اليومية كان يتابع ويكتب أخبار جلالته ولقاءاته وزياراته ، واستمر بالعمل مع جلالة الملك الحسين بن طلال -طيب الله ثراه- منذ عام ١٩٩٢ إلى عام وفاته ١٩٩٩.

“المحطة المهمة التالية كانت العمل مع جلالة الملك عبدالله الثاني، وحينها بدأت تأخذ منحى عملياً وانخراطاً أكثر بالعمل الإعلامي”

عمل العضايلة مع جلالة الملك عبدالله الثاني، وبالقرب منه لسنوات عديدة، وبحسب كلماته: “احدى المحطات العملية المهمة في حياتي هي العمل مع جلالة الملك عبدالله الثاني”، حيث عُينَ مديراً للإعلام المحلي، ثم مديراً للإعلام العربي في الديوان الملكي الهاشمي.

في تلك الفترة، كان عمل العضايلة بالقرب من جلالة الملك عبدالله الثاني؛ ويذكر بأنه رافقَ جلالته في زياراته للخارج، وفي النشاطات المحلية.

وبحسب كلمات العضايلة: ” كانت تلك الفترة عندما استلم جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية، ورافقته في جميع زياراته للخارج؛ للقاء زعماء العالم، كما أنني رافقته في النشاطات المحلية عندما زار أغلب القرى الأردنية، ليَطمئِنَ على أحوال العائلات الفقيرة، والمحتاجة، حيث قام جلالة الملك بزيارة أغلب مناطق وقرى المملكة الأردنية الهاشمية في الفترة ما بين ١٩٩٩ إلى ٢٠٠٨”

في عام ٢٠٠٥، عُينَ العضايلة مديراً لإدارة الإعلام والاتصال في الديوان الملكي الهاشمي، وكان مسؤولاً عن الإعلام العربي، والأجنبي.

وتقديراً لأعماله المُلهمة؛ أصدر جلالة الملك عبدالله الثاني إرادة ملكية سامية بمنح العضايلة رتبة وزير في عام ٢٠٠٧.

انتقل العضايلة للعمل في القطاع الخاص عام ٢٠٠٨، وبعد عامين من العمل في القطاع الخاص؛ تم استدعاء العضايلة للديوان الملكي الهاشمي مرةً أخرى للعمل مستشاراً لجلالة الملك عبدالله الثاني لشؤون الإعلام والاتصال، وعبر العضايلة عن امتنانه قائلاً: “تشرفت بالعمل مع جلالة الملك حينها في ظرف استثنائي مرّت به الدول العربية في أحداث الربيع العربي.”

“تجربة عملي في السفارات كانت مهمة وغنية، حيث تعلمت منها الكثير”

عُينَ العضايلة في عام ٢٠١٢ سفيراً للأردن في تركيا، في حين كانت المرحلة التي تمر بها المنطقة صعبة جداً، في ظل الأزمة السوريةً وظهور التنظيمات الإرهابية مثل داعش وغيرها .

علَّقَ العضايلة عن تلك الفترة: “للجمهورية التركية دور كبير ومهم في قضايا المنطقة، وكان الاردن حريصا على توثيق وتطوير العلاقات الأردنية – التركية، وبالفعل غدت هذه العلاقة بفضل رعاية الملك عبدالله الثاني والقيادة التركية قوية وراسخة، حيث كان هناكاتفاقية التجارة الحرة مع الجمهورية التركية؛ ووصل حجم التبادل التجاري في عام ٢٠١٣ أكثرمن مليار دولار، واعتقد أنه أكبر رقم، كما أنني عاصرت الأحداث التي حصلت في تركيا أهمها محاولة الانقلاب العسكري في عام ٢٠١٦ .

بعدما أنهى العضايلة خمس سنوات كونه سفيراً للأردن في تركيا، صَدَرَ أمر أن ينتقل للسفارة الأردنية في روسيا، وباشر بعمله سفيراً هناك.

“خدمة السفراء مهمة جداً، خاصةً السفراء الأردنيين، حيث أن القيادة الهاشمية سهلت مهمتنا وفتحت الأبواب أمام السفراء والدبلوماسيين الأردنيين لتحقيق النجاح وتوثيق العلاقات مع دول العالم ، لقد وجدت أن مهمتي كممثل لبلدي وسفير في روسيا كانت سهلة، بسبب أن جلالة الملك فتح الأبواب كاملة أمام علاقات قوية وراسخة مع روسيا، ولمست أن العلاقة التي نسجها جلالة الملك عبدالله مع الرئيس بوتين عززت العلاقات بين البلدين الصديقين بشكل كبير  جداً ، خاصةً في ظل أزمة مثل الأزمة السورية، حيث مكنتنا  العلاقات القوية بين الأردن وروسيا من التنسيق الدائم والمتابعة لتجنيب الأردن أي تبعات غير متوقعة لما كان يجري في جنوب سوريا ، وكان التنسيق عالي المستوى بين البلدين واستطاع جلالة الملك بحكمته أن يحقق التوازن مع الأطراف الدولية والإقليمية وأن يحمي الاردن ويحافظ على حدودنا آمنة من خطر أي تداعيات لهذه الأزمة .

 استمر العضايلة بالعمل في روسيا إلى أن تم استدعاؤه لاستلام منصب وزير الدولة لشؤون الإعلام في عام ٢٠١٩.

تولي العضايلة منصب وزير الدولة لشؤون الإعلام في فترة حرجة وصعبة جداً، وشاركنا مشاعره، وأسلوبه، وأهمية الرسائل الإعلامية الرسمية:

عندما توليت منصب وزير الدولة لشؤون الإعلام أصبحت الأقرب لكل منزل أردني، ما كان شعورك؟

“عندما تعمل في الإعلام تكون في الواجهة أمام الجماهير، وفي تلك الفترة لمست أنني كلما خاطبت الجمهور بالمعلومة الموثقة والدقيقة وبكل مصداقية، وشفافية، يقدرون ويستقبلون المعلومة بترحاب وقبول “

وأضاف: “مراعاة مخاطبة عقول وعاطفة ووجدان الجماهير مهم جداً حسب متطلبات الخطاب الرسمي المطلوب، مع مراعاة التوقيت”

“أعتقد بأني في تلك الفترة خاطبت وجدان الجماهير وعقولهم في نفس الوقت، حيث في بعض الأوقات كنت أستثمر بعض الخطابات العاطفية لكي أحظى بقبول لدى الجمهور والتقرب منهم أكثر ،  ولمست حينها أن هناكتجاوباً، مما شجعنا على الاستمرار في العمل بشكل مكثف ومتواصل لأنك كنت تجد صدى وآذان صاغية وقبول للرواية ، وقد لمسنا أننا استطعنا استرجاع قيمة الرواية الرسمية لتصبح هي الرواية الأساسية في بث الأخبار”

“أشعر بفخر الآن، حيث أنني غُمرت بحب الأردنيين من جميع الفئات العمرية، ولمست مدى احترامهم وتقديرهم وتثمينهم للجهود التي قمنا بها”

برأيك؛ ما هي الرسالة الإعلامية التي يجب على كل إعلامي اتباعها؟

على الرسالة الإعلامية أن تكون سليمة!

“إذا كان لدى الصحفي رواية معينة، يجب أن يتأكد من مهنية ومصداقية هذه الرواية، وعليه أنيستقصي روايته، أنا  أؤمن جداً بالصحافة  الاستقصائية ، الْيَوْمَ مع الاسف في تصلنا الكثير من المعلومات التي لا نعلم مصادرها والتي يتم تداولها ومشاركتها دون دراية إن كانت هذه المعلومة صحيحة ودقيقة ام لا “

فأنا أوصي الجيل الإعلامي الجديد: “أهم ما عليكم فعله هو التأكد من صحة ودقة المعلومة، والتأكد من أن رأي الطرف الآخر موجود للإجابة على جميع الأسئلة”

كيف يمكن على الإعلامي أن يقضي على الشائعة؟

المصداقية والشفافية في نقل المعلومة والظهور الإعلامي والضخ الإعلامي وتدفق المعلومات هو الأساس للقضاء على الشائعات، الشائعة سوف تستمر إن لم يكن هناك وسائل إعلامية تعمل على بث الحقيقة الكاملة.

من تجربتي؛ ومنذ بداية جائحة كورونا، كان لي عدة مقابلات يومية على الإذاعات، بجانب الإجازات الصحفية، واللقاءات التليفزيونية، حيث كان في تلك الفترة ضخ إعلامي كبير جدا بهدف نشر الحقيقة بكل شفافية ومصداقية، وللسيطرة على الشائعات إن وجدت.

جملتك التي أصبحت مصدر تحفيز وإلهام للشعب الأردني بدايتها “حماكم الله” ونهايتها “الإنسانية جمعاء”، لماذا اخترت أن تختتم كل ايجاز صحفي بها؟  وماذا تعني لك هذه الجملة شخصياً؟

لقد سمعت بعض الإخوة يدعو في العادة لأمتنا الإسلامية أو العربية ، أو لأشخاص محددين، لكن بالنسبة لي هذا الوباء عالمي لا يفرق بين أمة وأخرى أو بين عرق أو دين أو لون ، الملايين من البشر طالهم الفيروس ، وهو وباء يمكن  أن يصاب به أي شخص لذلك كنت أختم الايجارات والمؤتمرات الصحفية بالدعاء لشعبنا  وللإنسانية جمعاء، وكانت  هذه العبارة بالنسبة لي ” تعويذة” أسعى فيها الى  تحصين الأردنيين والبشرية من خطورة هذا الوباء ،وسأبقى أرددها حتى ولو انتقدها البعض . في النهاية أعتقد أن أغلبية الشعب أحبها لأن فيهالمسة إنسانية، ونحن بحاجة لهذا الدعاء في الفترة الصعبة، وعلينا أن نخاطب الجماهير بما يلامس قلوبهم.

كيف غيرت الصحافة من حياة أمجد العضايلة؟ وكيف يجب على الإعلامي معاملة جماهيره؟

“الإنسان مهما كان يجب أن يبقى إنساناً” 

يجب أن يطغى الجانب الإنساني على حياتنا ، والشيء المهم هو المهنية والصدق والشفافية والإخلاص بالعمل لأنها هي المعايير الأساسية للنجاح، ومن غيرها لا يمكن للإنسان أن ينجح، وبغض النظر عن مهنة الإنسان، إن لم يكن صادقاً، مهنياً، ومخلصاً في عمله، فمن الصعب أن يصل إلى الهدف الذي ينشده و ومن عناصر النجاح ايضاً هي التعلم والاستفادة من تجارب الآخرين، وأنا شخصياً استفدت من تجارب زملائي في المهنة، مثلما استفدت من تجارب العديد من خارج الاردن ايضاً .

“استطعت أن أكرس جميع خبراتي وتجاربي في الحياة في حياتي العملية حتى أصل للنجاح، وطريق النجاح ليس سهلاً، بل إنّ هناك محطات قد يشوبها الخطأ لذلك يجب الاستفادة من الأخطاء والتعلم مرة أخرى، والإنسان يطمح الى تحقيق المزيد وهناك بعض الأهداف سعيت لتحقيقها وربما لم تتحقق بسبب انشغالات الحياة، وفي النهاية فالكون يدور ولا بد من الإنجاز، وكل ما استطعنا أن نخدم الأخرين ونساهم في التغيير الإيجابي فسوف نصل لمرحلة الرضى عن النفس.”

“حافز الوحيد في العمل هو عندما أشعر أنني قدمت شيئاً للوطن والمجتمع”

يشعر العضايلة بالتحفيز عندما يخدم بلده وشعبه: “الشعور الذي يرضيني هو خدمة الناس، وهو الحافز الوحيد الذي يمدني بالقوة والعزيمة والعمل الجاد والمستمر، عندما أشعر أنني قدمت شيئاً للوطن والمجتمع، واني استطعت إحداث تغيير إيجابي، وأن ألهم الشباب ولو بشيء بسيط.”

بقلم هبة سكجها

ملهم