صناعات الأمن الغذائي الأردني برفقة “كمائن” الاستثمار الإماراتي و”سكة الحديد” السعودية تثير التساؤلات

 

تشتد لهجة الاستثمار السعودي في الأردن بالتوازي مع حوارات أعمق بين مستثمرين إماراتيين وصناعيين أردنيين كبار تحديدا في مجال التصنيع الغذائي وهو مجال مثير أصلا للجدل في ظل الرؤية الأردنية التي تتحدث بعد فيروس كورونا عن مفهوم الأمن الغذائي بالمستوى الكوني وليس الإقليمي فقط خلافا للوطني.

في كل حال تراقب الأعين الفضولية وتلك الخبيرة تفاصيل حوار استثماري قد يؤدي إلى صفقة كبيرة بين صندوق أبو ظبي السيادي وصناعات أردنية جاهزة وموجودة في المجال الغذائي.

تلك صفقة تفلت من هنا أو هناك بين الحين والآخر من الانضباطية السياسية، ويسمح لها أردنيا بالولادة بضوء أخضر سياسي وفي سياق تأطير النمو الكبير بالعلاقات الثنائية بين عمان وأبو ظبي.

صحيح تتحدث بعض الأوساط في طبقة رجال الأعمال عن تباين في الاتجاه الاستثماري يظهر بين الحين والآخر خصوصا عندما يتعلق الأمر بضوء اخضر أردني لتوسيع الاستثمارات الغذائية داخل الأردن، فيما طموحات من جهات استثمارية إماراتية بنقل الخبرة والاستثمارات مع بقاء ما هي عليه في الأردن في مجال الغذاء.

تلك بطبيعة الحال مسائل وخلافات وطموحات تسمح استراتيجية الوضع السياسي بين البلدين والقائمة على التحالف في القضايا الكبيرة بضبط إيقاعها أو حتى ردعها عندما تظهر.

وإلى ان يحصل ذلك، من المرجح ان بوصلة الاستثمار الإماراتي تركز على تلك الآفاق التي يمكن أن تنتج عن خبرات الأردنيين الضخمة في مجال التصنيع الغذائي وحتى في مجال المستلزمات الطبية.

لكن على جبهة موازية يستمر الاستثمار السعودي أيضا بالحركة وبنشاط ملحوظ، حيث صدرت تراخيص من الحكومة الأردنية لسلسلة مشاريع كبيرة في الأردن يبدو أنها تحظى بضوء أخضر في الإطارين أو من الجانبين.

 وهي مشاريع تتعلق أيضا بإقامة سكة حديد وجامعة طبية وبعض مشاريع البنية التحتية والمعلوماتية إضافة إلى القليل من الاستثمارات في مجال العقارات.

التوجيه السياسي من الرياض واجه استجابة سريعة في عمان بعد ما استلم رئيس الوزراء الحالي الدكتور بشر الخصاونة مهامه وواجباته، حيث قرارات على مستوى مجلس الوزراء تزيل عوائق بيروقراطية كان الصندوق الاستثماري السعودي الأردني يتذرع بها على أساس انها تعيق التعاون.

رفعت حكومة الخصاونة بوضوح مؤخرا تلك القيود والمعيقات البيروقراطية واحتفى بالأمر سفير الرياض في عمان نايف السديري وهو يتحدث عن استثمارات على النار قد تصل إلى ثلاثة مليارات دولار على الأقل.

 بدأ ضخ المال بالقطعة، حيث قرار صدر الخميس الماضي بتخصيص مئة مليون دينار أردني لدعم الخطوات الأولى في مشاريع استثمارية متفق عليها سابقا في مجال التكنولوجيا المعلوماتية والرعاية الطبية.

وفي حال ضم الحديث الاستثماري الثنائي لقطاعات مثل النقل والطاقة يمكن القول إن بعض المال السعودي في طريقه للاستقرار على أساس الشراكة وليس على أي أساس آخر في عمق البنية الأردنية، فيما بعض المال الإماراتي أيضا في طريقه للاستقرار مع بعض المخاطر في عمق معادلة الأمن الغذائي الأردني حيث ثلاثة مصانع غذائية في الأردن تعتبر من الأضخم في المنطقة وقادرة على التصدير لدول الخليج والعراق وسوريا وبكلفة نقل قليلة، فيما تلعب سكة الحديد السعودية المنوي تأسيسها على أساس دراسة احتياجات السوق بين مدينتي العقبة وعمان، دورا إضافيا في التأسيس لخيارات استثمار مرسومة على بيكار عملية السلام كما يرى الكثير من الخبراء.

الترحيب بالاستثمارات مسألة، في رأي وتقدير المستشار والخبير الاقتصادي محمد الرواشدة، والغوص في التفاصيل على أساس حسابات المصالح الأساسية للاقتصاد الوطني الأردني مسألة أخرى تماما، مع ان الرواشدة يصوت للفريق الذي يدعم توجيه بوصلة الأردن إلى الاستثمار الحقيقي الأصيل العميق في الجغرافيا والتاريخ والدور أيضا.

قال وزير المالية الأردني الدكتور محمد العسعس مبكرا لـ”القدس العربي” إن بلاده تؤمن بجلب الاستثمار لكن البيئة التي تؤسس للاستثمار العميق والتنموي من أسس المعادلة التي لا تقبل النقاش معتبرا ان بيئة الاستثمار في الأردن جاذبة ومفيدة وتمنح المستثمرين فرصة حقيقية اعتمادا على المؤسسية وهيبة القانون والمساحة المتوازية في المنافسة.

 لكن مثل هذه الاعتبارات وان كانت ضرورية لا تكفي في رأي العديدين، فالاستثمار الخليجي تحديدا بعد إعلان قاعدة الفطام عن المساعدات سياسي قبل أي اعتبار آخر ولديه في الأثناء طموح بالتفرد والاحتكار ويحظى بغطاء أمريكي بين الحين والآخر وهي مطبات وكمائن يفترض ان ينتبه لها جيدا المفاوض الأردني.

“القدس العربي”: